شهدت منطقة الشرق الأوسط منذ بداية عام 2020 تغيراً مناخياً أدى إلى تفاقم حدة الجفاف في المنطقة، حيث عانت المنطقة من انخفاض في كميات هطول الأمطار وارتفاعاً في درجات الحرارة؛ مما أدى إلى تأثيرات شديدة على الزراعة بسبب عدم توفر الموارد المائية والذي يزيد من معاناة المدنيين في الشمال السوري في ظل ظروف صعبة وتحديات اجتماعية واقتصادية خانقة.
تأثير المناخ على الزراعة
تحت وطأة تغير المناخ، يواجه قطاع الزراعة والأمن الغذائي في سوريا تحديات هائلة كونه العمود الفقري لإمداد السكان بالغذاء في المنطقة؛ مما أدى إلى قلة الإنتاج بسبب صعوبة وصول المزارعين إلى موارد مائية كافية لري محاصيلهم، بالإضافة إلى انتشار الآفات والأمراض الزراعية؛ الأمر الذي نتج عنه تفاقم مشكلة الجوع والفقر في شمال غرب سوريا، حيث يواجه 80% من السكان احتياجات ملحة لإمدادات الغذاء.
!محاولات مستمرة
حاول المزارعون في الشمال السوري إدخال أصناف زراعية جديدة بهدف التنويع من المحاصيل بالإضافة إلى كونها ملاءمة أكثر للظروف البيئية التي تمر بها المنطقة؛ إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل في زراعة هذه الأصناف نتيجة إدخال هذه الأصناف دون إجراء أي تجارب سابقة.
مساهمة المنظمات الإنسانية في تخفيف المعاناة
يمكن للمنظمات الإنسانية والإغاثية المساهمة بشكل كبير في تخفيف آثار تغير المناخ على السكان في شمال سوريا، من خلال توفير المساعدات الغذائية والمائية للمجتمعات
تلعب المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية دورًا حيويًا في دعم الأمن الغذائي في شمال غرب سوريا والمساهمة بشكل كبير في تخفيف آثار تغير المناخ على السكان في شمال سوريا من خلال تقديم الدعم المالي والتقني واللوجستي.
تعمل هذه الجهات على تنفيذ برامج ومشاريع تهدف إلى تحسين ظروف الحياة والإنتاجية للمزارعين والمجتمعات المتضررة من الجفاف والندرة المائية، ودعم إنشاء مشاريع البنية التحتية المائية كالآبار وأنظمة الري، إلى جانب الخدمات الضرورية مثل التدريب والتوعية وتنفيذ الحملات التثقيفية حول الزراعة المستدامة وتقنيات الري الحديثة.
وبمكن تلخيص أشكال الدعم اللازم بما يلي:
الدعم الفني والتقني
يمكن للمنظمات الإنسانية أن تساهم في تقديم الدعم الفني والتقني، من خلال إدخال تقنيات زراعية حديثة مثل أنظمة الري بالتنقيط وتقنيات الاستشعار لتحسين كفاءة استخدام المياه. هذه الابتكارات يمكن أن تساعد المزارعين على إدارة مواردهم المائية بشكل أفضل، وتقليل الفاقد وزيادة إنتاجية المحاصيل، مما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.
تعزيز القدرات المحلية
كما يمكن المساهمة على صعيد التدريب والتأهيل، من خلال تنظيم برامج تدريبية للمزارعين على تقنيات الزراعة المقاومة للجفاف وترشيد استخدام المياه، إضافةً إلى نشر الوعي بين السكان حول التأثيرات المناخية وطرق التكيف معها، وذلك سيساهم بشكل كبير في تمكين المجتمعات المحلية من مواجهة التحديات.
التنسيق والتعاون
يمكن أيضاُ زيادة التنسيق والتعاون مع الجهات المحلية لوضع استراتيجيات فعالة للتكيف مع تغير المناخ، والسعي إلى إشراك المجتمع المدني المحلي في تخطيط وتنفيذ مبادرات التكيف.
التحسينات الاقتصادية والاجتماعية
دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الزراعي يمكن أن يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي للمزارعين توفير التمويل والتدريب، يمكن أن يمكّن المزارعين من تحسين ممارساتهم الزراعية وزيادة إنتاجيتهم، مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي ويقلل من معدلات الفقر.
سياسات وإجراءات عاجلة للحد من تأثيرات التغير المناخي
من الضروري اعتماد سياسات عاجلة للحد من تأثيرات التغير المناخي على الأمن الغذائي في شمال غرب سوريا، مثل تشجيع التحول إلى زراعة مقاومة للجفاف والفيضانات. ينبغي أيضاً دعم إنشاء برامج لحماية الأراضي الزراعية وتحسين نظم الري الفعالة. لا بد من إعداد خطط طويلة الأمد للتكيف مع التغيرات المناخية وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية لتحقيق استدامة الأمن الغذائي.
ومن التوصيات لتعزيز الأمن الغذائي في شمال غرب سوريا تشمل دعم الزراعة المستدامة وزيادة التحصينات الزراعية لمواجهة تأثيرات التغير المناخي. كما ينبغي دعم الفلاحين بتوفير التقنيات الزراعية المناسبة وتوفير البذور المنتجة محلياً. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز التوعية حول التغذية الجيدة وتعزيز البرامج التثقيفية للمجتمع لتحسين الإدراك بأهمية الأمن الغذائي.
من خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن للمنظمات الإنسانية والإغاثية أن تلعب دوراً محورياً في تخفيف معاناة السكان في شمال سوريا جراء تغير المناخ، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار المعيشي والاقتصادي للمجتمعات المحلية.
