الذكرى 13 للثورة السورية.. ربيع السوريين لا يزال حاضر

الأربعاء/مارس/2024 | SNL

ما بين واقع معاش وقيود تغلغلت في نفوس شعب أبى أن يستكين أو يستسلم، بهذه العبارات يمكن تلخيص ما جرى في آذار عام 2011، عندما خرج السوريون عن نظام الحكم رغم اشتداد القبضة الأمنية، ليكسروا الصمت، الذي تفجر بصيحات عمّت أرجاء سوريا، وعلت الحناجر المنادية بالتغيير والحرية وإسقاط النظام.

 

 في الذكرى الثالثة عشرة، يستذكر السوريون ثورتهم

اليوم في الذكرى الثالثة عشرة، يستذكر السوريون مظاهراتهم حين توحّدت الصيحات ضد نظام فاسد، مطالبةً بإسقاطه، وقابلها النظام بالبطش متوقعاً إخمادها أو طمس بدايات الربيع، إلا أنّ شرارة الثورة حملت معها انبثاق فجرٍ جديد، وتوسعت لتشمل كل المدن السورية وتؤكد على وحدة الصف والكلمة وتقديم التضحيات.

سوريا اليوم تحولت إلى بقعةٍ جغرافية شهدت الكثير من الفظاعات، والملف السوري تسوده تحديات جمّة، بدءاً من إهمال المجتمع الدولي له، وتجاهله لمعاناة السوريين في كل مكان، مروراً بهرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع النظام السوري، الذي يمارس قصفه العنيف إلى اليوم في الشمال السوري، وصولاً إلى تعطيل الحل السياسي وتشتت المعارضة. 

 حراك أهل السويداء

إلا أن الجانب المشرق رغم كل التحديات، استمرار المظاهرات في السويداء، التي بدأت قبل سبعة أشهر باحتجاجات في مدينة السويداء بحشودِ غفيرة يحملون أغصان الزيتون، وشعارها السلمية التي لم تكن بجديدة على السوريين، يتجمع فيها أهالي السويداء في ساحة الكرامة، ويطالبون بإسقاط النظام، وإطلاق سراح المعتقلين، وترتفع من خلالها أصوات الغضب فضلاً عن تمزيق صور بشار الأسد، وصيحات تطالب بتطبيق القرارات الأممية وعلى رأسها 2254، في حين النظام كعادته استخدم لغة القتل، ودخلت السويداء في منعطفٍ جديد مع سقوط أول قتيل، بعد أن فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين. 

تكثيف القصف في الشمال السوري

صعّد كل من النظام السوري وحليفته روسيا، في الآونة الأخيرة، وتيرة القصف على شمال غرب سوريا، مستغلة انشغال العالم بما يجري في غزة من إبادة جماعية،  معظم الهجمات تتم باستخدام طائرات FPV، والتي توفّر ميزة الرؤية من منظور الطائرة، مما أدى لسقوط العديد من المدنيين بين قتلى وجرحى، ووثق الدفاع المدني السوري عبر بيانٍ نشره، بأن الهجمات أسفرت عن وقوع 46 مدنيا من بينهم 9 نساء و13 طفلا وإصابة 213 مدنياً. 

 

النظام السوري يتحمل مسؤولية تعطيل الحل السياسي

لا غضاضةَ في الحديث عن استعصاء الحالة السورية، بأن النظام السوري يقف وراء تعطيل العملية السياسية، من جهة وتوقف انعقاد جولات اللجنة الدستورية من جهة أخرى، منوهاً بدعم وتوجيه “علني وفاضح” من قبل حلفائه الإيراني والروسي.

وتخاذل المجتمع الدولي، لا سيما الدول الفاعلة في القضية السورية، وعدم الجدية بإيجاد حل شامل وعادل، هو عامل رئيس تقع عليه مسؤولية كبرى في تعطيل العملية السياسية.

المجتمع الدولي متراخٍ مع الملف السوري

خلال السنوات السابقة، وتحديدًا منذ اتفاق الدول على اعتبار القرار الأممي 2254

المرجعية الوحيدة للحل السياسي في سوريا، لم يضغط المجتمع الدولي على النظام السوري، بشكلٍ حقيقي وكافٍ لتطبيق هذا القرار، وإنما اكتفى بالتصريحات بينما النظام السوري وحلفاؤه كانوا يعطلون أي خطواتٍ جدية تُفضي لانتقال سياسي، وهذا ما جعل النظام ينجح في ارتهان الحل السياسي.

وفيما يتعلق بالمحتجزين تعسفياً والمختفين قسرياً والمفقودين؛ أشار المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسون في إحاطته أمام جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا قائلا “ما زلنا لا نرى أي نتائج ملموسة في معالجة وضع ما يقدر بنحو 100 ألف شخص من المحتجزين تعسفيا والمختفين قسريا والمفقودين، على النحو الذي يدعو إليه القرار 2254.

 

تطبيع خجول مع النظام السوري واستعادة مقعده في الجامعة العربية

بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا، وشمال سوريا – الذي أعطى دفعاً نحو مسار التطبيع العربي مع النظام السوري – شهدت دمشق حينها مساعدات إنسانية ووفود رسمية للقاء الأسد، وبعدها طالبت بعض الدول العربية، بعودة العلاقات مع سوريا، متذرعة بأن القطيعة أمراً مضرّاً على النحو السياسي الإقليمي، فاستعادت سوريا مقعدها في الجامعة العربية، وحضر رئيس النظام بشار الأسد، اجتماعات القمة العربية في شهر مايو الماضي، وما تبعه ذلك من لقاءاتٍ رسمية جانبية غير مكتملة ولم تأت بأي جديد. 

إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لعام 2023 

وفقاً لقاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان في عام 2023، فقد تم توثيق مقتل 1032 مدنياً بينهم 181 طفلاً و119 سيدة على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، في حين  قُتل منهم النظام السوري 225 مدنياً بينهم 57 طفلاً، و24 سيدة، وارتكب 5 مجازر.

فيما قتلت القوات الروسية 20 مدنياً بينهم 6 أطفال، و5 سيدات، وارتكبت مجزرة واحدة. وقتل تنظيم داعش  مدنياً، فيما قتلت هيئة تحرير الشام 16 بينهم طفلين و5 سيدات. 

وسجَّل التقرير مقتل 17 مدنياً، بينهم 5 أطفال وسيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. كما سجل قتل قوات سوريا الديمقراطية 74 مدنياً بينهم 9 أطفال، و10 سيدات. وسجل مقتل 5 مدنيين على يد قوات التحالف الدولي. 

ووثق التقرير مقتل 674 مدنياً بينهم 102 طفلاً، و74 سيدة على يد جهات أخرى، وارتكاب ما لا يقل عن 14 مجزرة.

  

 الثورة السورية لماذا لم تنتصر 

يستحضر كل عام على مرور ذكرى الثورة السورية، السؤال الفخ لماذا لم تنتصر الثورة، ويعود ذلك لأسباب عدة؛ منها مصالح الجهات الفاعلة في الملف السوري، والتي لا تتماهى مصالحها مع الحل السياسي، الذي لا يزال يراوح في مكانه منذ حوالي 10 سنوات، واقتصر فعله على عقد الاجتماعات وإصدار البيانات وإضاعة الوقت.

 بينما الوقت يجري والشعب السوري يعاني، بالرغم من أنه أفلح في الخروج عن سلطة القمع بثورته عام 2011، وكشف النقاب عن نظام الاستبداد، هذا المنجَز السوري بقي في إطاره الثوري إلى الآن، ولم يرقى إلى حيّز السياسة وتاه في التفاصيل، فباتت التضحيات الهائلة ومجمل الرصيد القيمي للحراك الثوري إرثاً يتيماً، دون أن تتمكّن النخب السياسية من جماعات وأفراد من استلهامه، ومن ثم استثماره لتدويره في فلك السياسة.

 

 

 

شارك الحكاية