أهمية توحيد صفوف المنظمات السورية في تركيا وبناء سبل التعاون

الخميس/ديسمبر/2023 | SNL

مع تفاقم الحروب والأزمات الإنسانية التي تشهدها منطقتنا، وحجم المعاناة التي يعيشها الملايين من الأبرياء لا سيما في سوريا وفلسطين واليمن ولبنان ودول الجوار، برزت الحاجة الكبيرة والأثر العظيم لمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية في الاستجابة لهذه الكوارث ودعم متضرريها.

 

وتُعتبر التحديات التي تتصدى لها هذه الفِرق مثل الجوع والمرض والتهجير القسري وانتهاكات حقوق الإنسان، من بين أصعب التحديات التي تواجهها المجتمعات، وذلك يستدعي اتّباع منهجية واضحة في مضاعفة الفاعليّة لهذه المنظمات وتوسيع نطاق عملها.

صورة مقترحة

أهمية التعاون بين المنظمات غير الربحية

لا بدَّ أن يُدرك الجميع أهمية التكاتف المجتمعي في ظلِّ التعقيدات والأزمات العالمية المتزايدة، فالتعاون بين المنظمات غير الربحية أمرٌ محوريّ نظراً لقدرته على تضخيم التأثير، وتجميع الموارد، وتبادل الخبرات، والاستفادة من المهارات والتجارب المتنوعة، حيث يمكن للجهود المشتركة أن تعالج التحديات الحالكة بفعاليّة أكبر.

 

التحديات التي تعيق فرص التعاون بين المنظمات

تُظهر العديد من المنظمات غير الحكومية نواياها الحسنة في تعزيز سبل التعاون مع نظيراتها ولكنّها تواجه بعض العوائق مثل:

 

  • عدم التوافق في الأهداف الاستراتيجية.
  • تقديم المصالح الفردية على المصلحة المجتمعية.
  • ضعف الآليات الناظمة لعمل المنظمات.
  • المشاكل والقيود المفروضة من قبل مصادر التمويل.
  • غياب التواصل والتشبيك بين المنظمات.

استراتيجيات إقامة تعاونات ناجحة وفعّالة

يتطلب التعاون الناجح بين منظمات المجتمع المدني إلى تحديد أهداف مشتركة، وتعزيز التواصل وتطوير هياكل مشتركة لصنع القرار، وفيما يلي مجموعة من النصائح والاستراتيجيات التي تُسهم في إقامة شراكاتٍ مُجدية:

 

  • إنشاء المشاريع المشتركة بين المنظمات:

تُعدُّ المشاريع المشتركة وسيلة فعالة لتوحيد الموارد بين المنظمات غير الربحية، ودمجها في كيان موحد يتمتّع بقدراتٍ تشغيلية أكبر، مما يعظّم الإنجاز والأثر، كما تتيح تلك المشاريع فرص الوصول إلى مصادر تمويل متنوعة، مما يطرح زيادة في الميزانية.

 

  • بناء التحالفات الاستراتيجية الذي يحتاج:
  • ضمان توافق الأهداف والقيم التنظيمية، والبحث عن شركاء يتشاركون رؤى وأولويات متماثلة.
  • بناء هياكل اتخاذ قرار واضحة لتبسيط العمليات التعاونية.
  • ضمان تبادل المعلومات بشكل واضح ومتّسق بين الشركاء لتجنب سوء الفهم.

أهمية توحيد صفوف المنظمات السورية في تركيا وأثره على السوريين

أهمية تواجد المنظمات السورية في تركيا

مع اندلاع الحرب الطاحنة في سوريا وتردّي الأوضاع الإنسانية فيها عاماً بعد عام، شهدنا ولادة العشرات من الفرق التطوعية والمنظمات السورية العاملة في ميدان الإغاثة سواءٌ على النطاق الطبي أو التعليمي أو الإنساني، في سبيل الاستجابة لمعاناة السوريين التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا.

 

وقد كانت تركيا مركزاً محورياً لتواجد الغالبية العظمى من هذه المنظمات نظراً لموقعها الجغرافي والتسهيلات المقدّمة من جانب الحكومة التركية في هذا السياق، حيث تقوم هذه المنظمات بإدارة مشاريعها وعملياتها الإغاثية من مكاتبها الرئيسة المتركزة في أحد المناطق التركية، ليتم تنفيذ هذه المشاريع من قِبل فِرقها الموجودة في سوريا.

دورها في تمكين السوريين في تركيا والشمال السوري

يعيشُ اليوم في تركيا حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، بالإضافة إلى ما يزيد عن 2 مليون من أهالي الشمال السوري والأراضي الخاضعة للنفوذ التركي، وذلك ما يجعل المنظمات السورية في تركيا وما حولها بمثابة شرايين الحياة لمجتمع النازحين واللاجئين السوريين في هذه المناطق.

 

حيث كان ولا زالت تعمل تزويدهم بمختلف أنواع الدعم، حتى أصبحت المسؤول الأول عن إدارة العمل الطبي والتعليمي وتقديم الخدمات وإنشاء البنى التحتية، في ظلِّ غياب الحكومات عن المشهد.

 

كما أن وجودهم لا يسدّ الفجوات الضخمة في حجم المساعدات الدولية فحسب، إذ تدافع هذه المنظمات عن حقوق اللاجئين السوريين ورغبتهم بإعادة بناء حياتهم وتطلعاتهم وسط هذه الظروف الصعبة.

 

كما تعمل على إيصال أصواتهم في المناقشات السياسية وتعزيز اندماجهم في المجتمع التركي، فتحوّلت من كونها مجرّد جهات إغاثية، إلى شريك مساهم في توجيه السياسات الإنسانية من خلال عمليات الضغط والمناصرة التي تمارسها.

التحديات التي تواجهها المنظمات السورية في تركيا

بعد سنوات طويلة من العمل  باتت هذه المنظمات مدركةً تماماً لأهمية تطوير سياسات عملها لتتناسب مع القواعد المتعارف عليها عالمياً، واستطاعت العديد من المنظمات قطع أشواطاً كثيرة في هذا الاتجاه من شكلها وأدواتها ونجحت في تحقيق شراكات دائمة مع أكبر المنظمات العالمية.

 

ومع ذلك، واجهت هذه المنظمات عدداً لا يحصى من الإشكاليات والعوائق التي تضعف قدرتها على ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها في تعزيز استقرار السوريين، ويمكن تصنيف هذه التحديات وفق المحاور التالية:

 

  • العقبات الإدارية:

تواجه المنظمات السورية العاملة في تركيا العديد من العقبات الإدارية، على الرغم من حصولها على تراخيص رسمية، وتعاني من القيود والنظرات الخاطئة تجاه طريقة عملها من قبل بعض الجهات التركية، إذ يشعر العاملون فيها بالاستهجان والشكوك المتعلقة بعملهم، ولاسيما عندما يكون لديهم تواصل مع منظمات أجنبية أو أممية.

 

تلك النظرة غير المنطقية تعيق قدرة المنظمات السورية على تنفيذ مهامها بشكل فعال ومنصف، فهي تواجه تأخيرًا في إجراءات التصاريح والموافقات الحكومية، مما يؤثر سلباً على قدرتها على تقديم المساعدات والخدمات للمجتمعات المحتاجة.

 

علاوة على ذلك، تواجه المنظمات السورية تحديات في التواصل والتنسيق مع الجهات الحكومية التركية، مما يعقد من عملية التنسيق والتعاون في مجال تنفيذ المشاريع الإنسانية. تكمن المشكلة في عدم فهم أو عدم قبول بعض الجهات الإدارية للمنظمات السورية كشركاء فعّالين وجديرين بالثقة في تقديم الخدمات الإنسانية.

 

  • قيود التمويل:

تشكّل المشاكل المالية عقبةً كبيرة أمام المنظمات السورية العاملة في تركيا، إذ إن محدودية الوصول إلى مصادر التمويل، والاعتماد على الجهات المانحة، والقيود المفروضة على أنشطة جمع الأموال، تحد من قدرتها على توسيع نطاق العمليات وتلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين بشكل فعال.

 

بالإضافة إلى ذلك، تفرض بعض القيود والقوانين المحلية قيوداً على جمع الأموال واستخدامها، مما يقيد قدرتها على تمويل المشاريع والبرامج بشكل كامل. تلك القيود قد تشمل متطلبات ترخيص وعمليات إدارية معقدة للحصول على الموافقات المالية والقوانين الضريبية التي تنطوي على تعقيدات إضافية.

 

تعزز هذه القيود التمويلية الضغط على المنظمات السورية وتقيّدها في توسيع نطاق أعمالها وتلبية الاحتياجات المتنامية للأفراد والمجتمعات المستضيفة. قد يؤدي ذلك إلى تقليص الخدمات المقدمة وتحجيم البرامج المخطط لها، مما يؤثر على القدرة الاستجابية للمنظمات والتأثير الإيجابي الذي يمكنها تحقيقه.

 

  • ضعف التنسيق:

يعيق ضعف التنسيق والتعاون بين المنظمات السورية في تركيا الجهود الجماعية الرامية إلى معالجة مشاكل السوريين بشكل شامل، وتؤدي المبادرات المنعزلة والنُهج المجزأة إلى ضياع الجهود وعدم الكفاءة.

آليات تعزيز سبل التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني السوري

إنَّ تعزيز التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني السورية في تركيا أمرٌ بالغ الأهمية لتضخيم تأثيرها الجماعي ومعالجة الاحتياجات المتعددة الأوجه للاجئين السوريين بأفضل صورة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

 

  • إنشاء الشبكات التعاونية: إذ تعمل هذه الشبكات على ترسيخ ثقافة الدعم المتبادل، وتمكين المنظمات من الاستفادة من نقاط القوة والخبرة لدى بعضها البعض ويعدّ ذلك من أهم أهداف الرابطة.

 

  • إقامة المشاريع المشتركة: ما يسمح للمنظمات السورية بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف مشتركة، ويمكن أن تشمل المشاريع التعاونية برامج مشتركة لتقديم الخدمات، أو حملات المناصرة، أو المبادرات التعليمية، مما يزيد من تأثيرها على مجتمع اللاجئين.

 

  • عقد الاجتماعات التنسيقية الدورية: لتتمكّن المنظمات السورية من مناقشة التحديات المشتركة وتبادل التحديثات ووضع استراتيجيات للاستجابات الجماعي، كما تسهّل هذه التجمعات بناء العلاقات وتعزيز التفاهم بين أصحاب القرار.

أهمية توحيد صفوف المنظمات السورية في تركيا وأثره على السوريين

ثمرات توحيد الجهود وأثرها على السوريين في تركيا وشمال سوريا

يؤدي توحيد الجهود بين المنظمات السورية إلى تقديم خدمات أكثر كفاءة وشمولاً للاجئين السوريين في تركيا وشمال سوريا، وتساعد على تبسيط توزيع المساعدات، والمساعدة الطبية، وتطوير برامج التعليم، ودعم سبل العيش، وتلبية مجموعة واسعة من الاحتياجات، كما تتيح توفير آليات دعم متنوعة وتمكين اللاجئين من خلال ورش عمل لبناء المهارات والتدريب المهني.

 

على الجانب الآخر، يساهم توحيد الجهود في تحسين التنسيق عند الاستجابة للأزمات وهذا ما يضمن اتّخاذ التدابير المنظمة والفعّالة في التحديات المفاجئة، وقد لمسنا أثر ذلك بوضوح في حملات الاستجابة لكارثة الزلزال المدمّر.

جهود رابطة الشبكات السورية في توحيد الجهود والموارد

تؤكد رابطة الشبكات السورية على ضرورة التواصل الدوري بين المنظمات السورية العاملة في الشأن الإنساني للنظر في مشاكلها والعمل على تسهيل عملها ونشاطاتها.

 

وقد كان لرابطة الشبكات السورية تجربةً مميّزة ودوراً فعالاً في إنشاء أطر تعاونية تسهل التواصل والتعاون بين عدد كبير من المنظمات السورية في تركيا، وتشجيع تبادل الخبرات والموارد بين المنظمات الأعضاء والتأكيد على أثر ذلك في تعزيز القدرات الجماعية وإيصال مشاكل السوريين للجهات الحكومية التركية.

أهمية توحيد صفوف المنظمات السورية في تركيا وأثره على السوريين

الأسئلة الشائعة

ما أهمية تواجد المنظمات السورية في تركيا؟

تكمن أهمية تواجد التنظيمات السورية في تركيا باعتبارها شريان الحياة لنحو 3.5 مليون سوري على أراضيها وأكثر من 2 مليون من سكان مناطق الشمال السوري الخاضعة للنفوذ التركي. حيث يقدمون الدعم الأساسي، ويديرون المشاريع الطبية والتعليمية والبنية التحتية، ويدافعون عن حقوق اللاجئين واندماجهم في المجتمع التركي.

ما هي التحديات التي تواجهها المنظمات السورية في تركيا؟

تواجه المنظمات السورية قيودًا إدارية، ومفاهيم خاطئة حول آلية عملها ونزاهتها، ومحدودية الوصول إلى مصادر التمويل بسبب القيود. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف التنسيق بين هذه المجموعات يعيق استثمار الجهود الجماعية فيما بينها.

كيف يمكن تعزيز سبل التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني السوري؟

ينطوي تعزيز التعاون على إنشاء شبكات تعاونية وهيئات إدارية موحّدة، وإقامة مشاريع تنموية وإنسانية مشتركة، وعقد اجتماعات تنسيق منتظمة. إذ يؤدي هذا الجهد المكثف إلى تقديم خدمات أكثر كفاءة للاجئين السوريين، وتحسين الاستجابة للأزمات، ودعم موقفها إقليمياً ودولياً عند المطالبة بحقوق المضطهدين.

شارك الحكاية