كيف باتت حياة المتضررين بعد سنة من وقوع الزلزال المؤلم؟
الأربعاء/يناير/2024 | SNL
بعد مرور سنة كاملة على واقعة الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال غرب سوريا وجنوب تركيا، وتسبب بخسائر بشرية ومادية هائلة؛ لا تزال آثار هذه الكارثة المؤلمة واضحة على المنكوبين، حيث ما زال الكثيرون يعانون صعوبات مريرة في إعادة بناء حياتهم والتعافي من الصدمة.
تزامناً مع استمرار الهجمات العسكرية على المدنيين وقصف البنى التحتية المدنية، وشهد شهر تشرين الأول في 2023 تصعيداً لم يشهد شمال غرب سوريا مثيلاً له منذ عام 2019، مما يعرقل عمليات إعادة التأهيل.
سنتناول في هذا المقال كيف كان تأثير الزلزال على حياة السكان شمال غرب سوريا على مدار السنة الماضية، وأبرز التحديات التي واجهوها في مجالات الإسكان والرعاية الصحية والغذاء، ونسلّط الضوء على دور المنظمات الإنسانية في دعمهم ومساعدتهم على التعافي من الكارثة وجهودهم المستمرة إلى اليوم.
حجم الضرر الذي خلّفه الزلزال المدمّر شمال غرب سوريا
لقد كان التأثير الذي تركه الزلزال كارثياً بكلِّ ما تحمله الكلمة من معاني، ولا أحد يعلم حقيقة هذه المعاناة سوى من عاشوها لحظة وقوعه وما زالوا غارقين فيها حتى اليوم، إذ تسبب الزلزال بأضرار مادية هائلة، حيث دمر المئات من المنازل والمنشآت الصناعية والمرافق العامة مثل المدارس والمستشفيات. كما أدّى لتدمير البنية التحتية بشكل كبير، حيث تعطلت خدمات المياه والكهرباء والاتصالات في العديد من المناطق السكنية. ولا تزال آثار الزلزال واضحة بعد مرور سنة على وقوعه.
وبحسب فريق منسقو استجابة سوريا، فقد خلصت الإحصائيات الأخيرة حول هذه المأساة والخسائر التي خلّفها الزلزال وراءه إلى ما يلي:
- تجاوز عدد الأُسر المتضررة المسجلة 334 ألف عائلة.
- بلغ عدد النازحين نتيجة الزلزال ما يزيد عن 311 ألف شخص، يشكل النساء والأطفال 67% منهم.
- تم توثيق مقتل 4256 مدني، وإصابة 11774 آخرين.
- تجاوز عدد الضحايا من العاملين في المنظمات الإنسانية والمؤسسات 255 شخص.
- بالنسبة للمنشآت والبنى التحتية: تضررت 433 مدرسة كليّاً أوجزئياً، بالإضافة لـ 73 منشأة صحية، و136 وحدة سكنية في المخيمات، و83 من المساجد والكنائس، و13 خزان مياه رئيسي.
- أما عن المباني الخاصة: فقد تدمر 2171 مبنى بشكل فوري، بالإضافة لـ 5344 مبنى غير قابل للتدعيم، و 14844 مبنى بحاجة للتدعيم ليكون قابلاً للسكن من جديد، مع 23738 مبنى آمن ولكنه بحاجة للصيانة.
استجابة منظمات المجتمع المدني السورية في إغاثة المتضررين
منذ الساعة الأولى لوقوع الزلزال أطلقت المنظمات الإغاثية ومؤسسات المجتمع المدني السورية حملات الاستجابة للمتضررين في كل من شمال سوريا وجنوب تركيا، وبذلت جهوداً عملاقة لتقديم المساعدة والإغاثة بكل ما لديها من إمكانات مُتاحة.
وجاءت هذه الاستجابة وفق عدة محاور أساسية:
- عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض: حيث قادت عمليات البحث والإنقاذ، وإزالة الأنقاض لسحب الناجين وتقديم الرعاية الطارئة رغم قلّة خبرتها في هذا السياق.
- توفير المأوى والرعاية الطبية: قدمت المنظمات الإغاثية المأوى المؤقت والرعاية الطبية الضرورية للمصابين والمتضررين، حيث شُحنت الخيام والمستلزمات الطبية الحيوية.
- تقديم المساعدات الطبية: قدّمت الفرق الإغاثية الرعاية الطبية العاجلة والدعم للمصابين، وضمنت حصولهم على العلاج والأدوية اللازمة وبشكل خاص العمليات الجراحية المنقذة للحياة.
- توزيع المواد الغذائية والمياه: نفذت تلك المنظمات حملات توزيع مواد غذائية ومياه نقية لتلبية احتياجات النازحين والمتضررين.
- دعم الصحة النفسية والاجتماعية: حيث نفّذت برامج دعم الصحة النفسية والاجتماعية للمتضررين.
- برامج إعادة الإعمار والتعافي المبكر: ساهمت في العمليات الطويلة المدى لإعادة إعمار المناطق المتضررة وتقديم الدعم اللازم للمتضررين لإعادة بناء حياتهم.
أحوال اللاجئين والنازحين بعد مرور سنة على وقوع الزلزال
استمرت الظروف القاسية التي يواجهها اللاجئون والنازحون بالتدهور في ظل التحديات المتزايدة، إذ يعيشون صعوباتٍ متمثلة في نقص الغذاء والمأوى والظروف القاسية، حيث يعيش 4.5 مليون شخص في ظروفٍ كارثية وغير إنسانية وفقاً لـ مكتب الأمم المتحدة (OCHA)، كما يعيش أكثر من 2 مليون شخص منهم في أكثر من 1,500 مخيم، مع وصول محدود إلى التدفئة والمياه النظيفة والإمدادات الصحية والغذائية.
حيث ما زال 800,000 إنسان يعيشون في الخيام والمأوى البديلة، والعديد منهم يعانون من انعدام أساسيات الحياة، وتتفاقم صعوبة الظروف المعيشية لا سيما في فصل الشتاء، إذ صرّحت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، “إيديم وسورنو”، بأن هناك 5.7 مليون شخص بحاجة ملحة للمساعدات الشتوية في أنحاء سوريا، وتلك الاحتياجات تتضمن المأوى الملائم ومواد التدفئة والملابس الشتوية.
احتياجات إنسانية متزايدة وسط دعم أممي محدود
شهد هذا العام تقليص التمويل لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) وشركائه في شمال غرب سوريا بنسبة 50%، مما أدى إلى تقليص الاستجابة كما تضاعفت تكلفة السلال الغذائية في سوريا في عام 2023، ممّا أدّى إلى انخفاض كبير في عدد الأشخاص المستفيدين.
بالإضافة إلى انعدام الأمن الغذائي، يؤثر نقص التمويل على جميع القطّاعات. ومع نهاية العام الفائت، كانت خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لعام 2023 ممولة بنسبة الثلث فقط وذلك أقل بكثير من عام 2022 حيث وصلت نسبة التمويل فيه إلى 52%. كما أن نداء الشتاء الذي أطلقته كتلة المأوى والمواد غير الغذائية والذي يستهدف 2.1 مليون شخص بالمساعدات الشتوية قد حصل على تمويل بنسبة 30% فقط!
الاحتياجات الأساسية للمتضررين شمال غرب سوريا
على الرغم من كلِّ هذه التحديات فما زالت منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التابعة لرابطة الشبكات السورية تبذلُ قصارى جهدها في تأمين المساعدات الأساسية لمتضرري الزلزال وخصوصاً لسكان المخيمات، ولكن الحاجة تفوق كل الإمكانات والموارد المتاحة في الأيام الراهنة.
يمكننا تلخيص أبرز الاحتياجات في النقاط التالية:
- المواد الغذائية والمياه: تتزايد الحاجة الملحّة إلى إمدادات غذائية مستدامة ومتنوعة والوصول إلى مياه نظيفة وآمنة يُعتبر أمرًا بالغ الأهمية لضمان صحة المتضررين.
- قطاع الصحة: يجب توفير الرعاية الصحية الأساسية والأدوية الضرورية ودعم النظام الصحي لتعزيز القدرة على التعامل مع الحالات الطارئة، بالإضافة لخدمات الصحة النفسية الضرورية لكل فرد، والمعالجات الفيزيائية للمدنيين الذين أُصيبوا بعاهات دائمة جرّاء الحرب والزلزال.
- قطاع المأوى: إنَّ تأمين مأوى آمن ومستدام يُعد أمرًا محورياً خاصة في ظل الظروف القاسية الشتوية.
- المستهلكات الأساسية ومواد النظافة: لا بدَّ من توفير مواد النظافة والمستلزمات الأساسية للحفاظ على الصحة الشخصية والنظافة الشخصية، وتوفير ملابس ومستلزمات أخرى ضرورية للحفاظ على كرامة الفرد واحتياجاته الأساسية.
دور رابطة الشبكات السورية في تكثيف الجهود للتعافي من الكارثة
تعملُ رابطة الشبكات السورية على تكثيف الجهود المجتمعية للتعافي من الكارثة الزلزال والنهوض من جديد، حيث تحث على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات السورية العاملة في الشأن الإنساني، وقد قادت الرابطة جهوداً ملموسة لإنشاء أطر تعاونية تسهل التواصل والتنسيق بين المنظمات في تركيا وشمال سوريا.
وتسعى لتكون مثالاً حياً على توحيد الجهود الجماعية والتعاون بين المنظمات غير الحكومية، حيث تشجع على تبادل الخبرات والموارد وتعزز قدرات المنظمات الأعضاء.
إذ يسهم هذا التعاون المشترك في تحسين تأثير الجهود الإنسانية وتعزيز قدرة الاستجابة في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها السكان المتضررين وحلِّ مشاكل السوريين وتلبية احتياجاتهم، ما يعزز دورها الفعّال في دعم التعافي الشامل من الكارثة وتعزيز القدرات المجتمعية المحلية.
الأسئلة الشائعة
ما هي الأضرار الرئيسية التي خلفها الزلزال في شمال غرب سوريا؟
تسبب الزلزال في مقتل وجرح الآلاف وتدمير عددٍ هائل من المنازل والبنى التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، كما أثر على الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والاتصالات، ومن الأضرار المعنوية شعور السكان المتضررين أنهم تركوا لوحدهم، خصوصاً مع تأخر المساعدات الأممية فترة من الزمن.
ما هي الحاجات الأساسية للمتضررين في شمال غرب سوريا بعد الزلزال؟
تشمل الحاجات الأساسية إمدادات غذائية مستدامة، ومأوى آمن، ورعاية صحية أساسية، ومواد النظافة والمياه النظيفة.
كيف ساهمت المنظمات الإنسانية في دعم المتضررين بعد الزلزال؟
قامت المنظمات الإنسانية السورية بتقديم المساعدات الغذائية والمياه والرعاية الصحية العاجلة، ودعمت عمليات إعادة الإعمار وتوفير المأوى المؤقت، وأظهر الزلزال وجود مجتمع محلي متمكّن من الناحية التقنية وقادر على التنفيذ مباشرة دون أي قيد أو شرط، وأبرز أهمية ما تنادي به الرابطة بدعم التوطين.
ما هو دور رابطة الشبكات السورية في تكثيف الجهود للتعافي من الزلزال؟
تعمل رابطة الشبكات السورية على توحيد الجهود وتعزيز التعاون بين الشبكات التنسيقية السورية ودعم الكوادر البشرية للمنظمات الإغاثية في شمال غرب سوريا وتركيا بهدف حلِّ مشاكل السوريين وتلبية احتياجاتهم والنهوض بالمجتمع من جديد.